الحراحشة يكتب ... وجدانيا، هل ما زلنا نملك أرضية مشتركة مع الخليج العربي؟

 


بقلم :  يزن عيد الحراحشة 


وكالة سباي سات - الاخباري - هذا اليوم الثاني والأربعين منذ بدء الطوفان، الطوفان الذي أغرق غلاف غزة على الأرض ثم عاد ليكر عليها بويلات الكيان الغاشم، وإني -معتذرا- لن أخوض الآن في مجريات المعركة وخط سيرها، ولا جذورها ومآلاتها، بل سأقف على شاهد واحد عنونت المقال به: وجدانيا، هل ما زلنا نملك أرضية مشتركة مع الخليج العربي؟


لنجيب على هذا السؤال فسأعمد إلى تحليل القواسم المشتركة، فما الذي يجمع الشعوب ببعضها؟ أقترح بعضها:

القومية... الدين... الجوار... التاريخ... الاقتصاد

فهل ما زلنا نتقاسم هذه الأشياء؟

   أولا، القومية: 

حتى وإن كنا نشترك مع بلدان الخليج العربي بفكرة العرق العربي واللغة المشتركة، إلا أن الجانب التطبيقي من هذه الفكرة فُقد في ظل العولمة التي يغرق بها الخليج بشكل مغاير عن باقي البلدان، فنسبة الأجانب في بعض البلدان هناك أصبحت عدة أضعاف نسبة العرب، والمناهج أصبحت بلغات غير العربية، فهذا الشكل من العولمة أصطلح تسميته بالعولمة المباشرة، حيث أصبح الاختلاط الثقافي مباشرا واقعيا لا مقتصرا على شكله الثقافي والاقتصادي، وتراكم هذه السنوات من هذا الاختلاط لن يؤدي إلا إلى حتمية الانصهار الثقافي، فيفقد العربي عروبته، وحتى إن احتفظ بها فلن تزداد عنده عن شكلها المتعلق بالتقاليد الكرنفالية.

   ثانيا، الدين: 

والدين في الخليج العربي لم يعد مشابها لما كان عليه نفسه؛ فعدد من البلدان تلك كسرت القيود الدينية، وحتى أشد الدول هناك تمسكا بالتقاليد الإسلامية أمست تنسل منها شيئا فشيئا، لا بل بشكل متواتر ينذر بتحول كامل بدت مظاهره من زج المتمسكين والمنظرين بالنظام الإسلامي في السجون، ثم إغراق البلاد بمظاهر التحرر، وأنا هنا لست في صدد ربط الموضوع بالقضية الفلسطينية، ففي نهاية المطاف الدوافع هناك اقتصادية تنموية.

   ثالثا، الجوار: 

كلنا جيران، العرب، إيران، تركيا، الكيان، الكل الآن جيران يتصرفون وفق المصلحة.

   رابعا، التاريخ:

وأي تاريخ هذا الذي ننشد، فمنذ قيام الدول العربية بشكلها الحالي والدسائس والمكائد في كل مكان، حيث يجلس الحاكم على كرسيه وعينه على كرسي جاره مصرحا في رغبته لإسقاطه عنه، لا بل إن بعض الدول قامت على انقاض بعضها، فتجد دولة حالية كانت محافظة في جارتها، وتجد نظاما سياسيا قام على أنقاض سابقه وأحلامه، وحتى الشعوب امتلأت بالعداوات المذهبية والطائفية والإقليمية.

   خامسا، الاقتصاد:

وهذا محرك كل شيء، واليد الخفية فوق أي شيء، العابث في السياسة والتاريخ والدين، فكيف لنا أن نبني أحلاما على الجار رغم وجود كل منا في طبقة مختلفة كليا، فالفارق الطبقي أضحى ثقلا شديدا، واختلاف أنماط الحياة والنمط الاستهلاكي ومستوى الرفاه وتحول بعض الشعوب إلى الشعب السيد والآخر إلى الشعب العامل كفيل بالضغينة، ولهذا شواهد منها نشر السعودية انفوغراف يمثل حجم مساعداتها للأشقاء منذ قيام الدولة السعودية، رعب!

   كلمة الفصل:

لنعد سويا إلى مقابلة ولي العهد محمد بن سلمان في نهاية الثلث الأول من العام 2021، حيث سأله مذيع قناة السعودية عن فلسفته الخارجية، ليجيب الأول ببساطة وصراحة: "مصالح المملكة العربية السعودية، وحفظ أمنها"، وإن هذا التصريح كفيل لأن يكون إعلانا مباشرا عن تحول الدولة إلى شكل براغماتي تام، حيث المصلحة هي المبدأ، والمبدأ هو المصلحة، وعند هذا فلا فرق يذكر بين شقيق وصديق، والمصلحة هي أم الخطوط، وحتى قطر صاحبة الصولات والجولات "الصالحة" في العالم العربي والإسلامي تحمل فوق أراضيها قاعدة العديد الجوية حيث أكبر معسكر أمريكي تجوب طائراته الشرق الأوسط، حتى أوساط آسيا وكل أفريقيا.

   فلنتوقف عن المناشدة، والمطالبة، والشتم، ولنرتب أوراقنا من جديد، بتعريف أنفسنا، والأشقاء، والأصدقاء.

تعليقات